[شبهة في قوله، {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا}]
  قلنا لك: فكذلك غلطتَ وجهلت أنت ومن قال بقولك في الآيات التي اعتقدتَ بها الجبر والفرية على الله ø، بلا برهان ولا بيّنة، فلا فرق بينك وبينهم في ذلك، إذ جهلتَ (تأويل هذه الآيات وتفيسر كتابه جميعاً، من أوله إلى آخره، واتخذت تاويلك بزعمك علماً، وحينئذ هلكت وأهلكت) وشبّهت كما شبّهوا ولم يصحّ توحيدك.
  والدليل على صدق قولنا ما قد نقضناه عليك من التوحيد، فيما جهلت من العدل في غير موضع، وكله قد جمعه هذا الكتاب، وكل ما جهلت من العدل في الآيات التي تعلقت بها، فاعلم يقيناً أنها على مثل ذلك القياس الذي تعلّقتْ به المشبهة، لأن العدل حكم واحد لا خلل فيه، كما التوحيد حكم واحد لا خلل فيه، ولا فساد في واحد منها، ولا عُلقة ولا حجة لمبطل، لأنها أصل دين الله ø، الذي تعبّد به (النبيين والأئمة الصادقين، وجميع الأمة من) الأولين والآخرين، ولا يصح الإسلام إلا بهما.
  ولو أنك تعلقت علينا بحرف واحد، حتى لا نقدر له على جواب، ولا نخرج منه بحجة، لفسد جميع العدل، ولم يقم حق، ولبطل قوله ø: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ١٨}[الأنبياء]، فالحق حقّ في نفسه لا باطل فيه، والباطل باطل في نفسه لا حق فيه، ولو كان الأمر على ما ذكرت واعتقدت واحتججت به في كتابك، لكان الحق والباطل ممتزجين لا يخلص واحد منهما من الآخر، ولا يبين عدل من جور، ولا حكمة من ظلم، ولا صواب من عبث، ولا فساد من صلاح، ولا حق من باطل، ولا حسن من قبيح،