[شبهة في قوله، {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم}]
  مُوَاقِعُوهَا}[الكهف: ٥٣]، فظنُّهم في هذا الموضع يقين. وذلك جائز في لغة العرب، قال الشاعر وهو دريد بن الصِمَّة الجشمي:
  فقلت لهم ظنوا بألفي مقاتل ... سرابيلهم بالفارسي المسرد
  يعني: قلت لهم: أيقنوا بألفي مقاتل، وكذلك قوله ø في الفتنة: {الم ١ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ٢}[العنكبوت]، أي: وهم لا يمتحنون، {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}[العنكبوت: ٣]، أي: ولقد امتحنّا الذين من قبلهم، ولو كان الله ø يفتن الخلق على ما ذهبتم إليه، لم يكن بين فعله وبين فعل إبليس فرق في الغش للخليقة والحسد، وإرادة التلف والخلود في النار، فسبحان الله العظيم، وتعالى عما قلتم علوا كبيرا!
  فهذا هذا، ثم قال ø في أثر هذه الآيات التي أوجب فيها على الظالمين الحجة، وقطع عذرهم، وألزمهم الخطأ بمعصيتهم، وبرّأ نفسه ø من ظلمهم وفعلهم، وألزمه إياه عبد الله بن يزيد البغدادي وإخوانه المجبرة، فقال ø: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٤١}[المائدة].
  فيا لك الويل هل يكون من الله ø الخزي والعقاب على غير جرم ولا ذنب؟!
  وإنما أراد بهذا القول ø أنه لم يرد أن يطهر قلوبهم التي نجّسوها وأصرّوا على نجاستها، فلم يُطهروها بالدخول في الايمان، فأخبر جل ثناؤه أنه لم يرد أن