مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم}]

صفحة 264 - الجزء 1

  يطهرها ولا يحكم لها بالتطهرة، وهم لم يطهروها ولم يحسنوا النظر لها، ولو طهرها ولم يطهروها، لكان ذلك هو نفس الجبر والقسر، ولم يجب لهم حمد ولا شكر، ولا حُسن ثناء ولا أجر. فهذا معني ما سألت عنه، فأنعم فيه النظر.

  والعجب كل العجب كيف استجزت في ملك الله وعظمة سلطانه وعدله، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ٤٤}⁣[يونس]، أن تقلب ذلك القول كله، فنسبته إلى الله ø، وقد سمعته يقول: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٤١}⁣[المائدة]، فاسمع أول الكلام إلى ما قاد، وكيف خرج فيه صحة العدل، وبيان كذبك على الله ø، وفريتك عليه ما ليس من دينه، فهو البريء من ذلك جل ثناؤه، بل ليت شعري فيما استحقّوا الخزي في الدنيا، والعذاب العظيم في الآخرة، في أمر هو فَعَله، أم هم فعلوه بأنفسهم؟

  فإن كان هو الذي فعله، فقد صحّ فيه الجور، وإن كانوا هم الذين فعلوه، فهذا القرآن يشهد بفعلهم، وبراءة الله ø ما قلت!

  ثم قلت: إنه لا يكون ذلك منه ظلماً لهم، ولا جوراً عليهم، فليت شعري كيف يكون الظلم عندك وعند جميع الناس؟! إلا ما لا يعقل ولا سبيل إلى الوقوف عليه! فسبحان الله العظيم، وتعالى عما يقولون علوا كبيرا!