[شبهة في قوله، {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم}]
  فأخبرنا أيضا عن قولك: إن الله - ø عما قلت - أراد من الكفار الكُفر، ولم يرد منهم الايمان؟ أقولك عند أصدق، أم قول الله ø، حيث يقول: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ٢٣}[النجم]؟!
  فإن قلت: إن الله ø في هذه الآية أصدق منك فيما ادّعيت، لزمك أنك قد رجعت إلى قولنا بالعدل، ولزمك أنك كنت مبطلاً في دعواك، لا بد لك من ذلك.
  وإن قلت: إنك أصدق من الله ø، كفرتَ عند جميع أهل الإسلام، ووجب عليهم قتلك من آخر ساعتك، لا بد لك من ذلك.
  وأما قولك: إنا نقول: إنّا نستطيع أن يكون منّا ما لم يرد الله ø أن يكون.
  فإن قلنا: بلي - زعمت.
  قلتَ لنا: أفليس قد يريد الله أن يكون أمر، ويريد إبليس أن يكون غيره، وإرادتهما - زعمت - على وجه واحد، ليس على وجه جبر ولا فسر، فيكون ما يريد إبليس أن يكون، ولا يكون ما يريد الله أن يكون، وقد فهمنا ما أردت كله، واختصرنا عن التطويل في الكلام الفاسد الذي لا وجه له.
  فاسمع إلى قولنا، وأنعم النظر فيه. فإنا نقول: إنه قد يكون منا ما لم يُرِد الله ø، ونستطيع أيضا أن يكون منا ما أراد الله، فالذي يريد الله ø منا الطاعة، والذي لا يريده منا المعصية، ولم يجبرنا على واحد منهما جبراً، ولم يقسرنا عليها قسراً، ونحن مخيّرون غير مجبورين، على شرط منه ø أن الجنة واجبة للمطيعين، وأن النار واجبة للعاصين.
  وقد يفعل الخلق وهو أكثر فعلهم ما لا يريد الله ø من الكفر وجميع