[شبهة في قوله {فعال لما يريد 107}]
  بينه وبين مشيئته ومحبته. وهذه صفة العاجز المقهور، والضعيف المكثور.
  فأما من أراد الأمر والخلق لما خلق، والابتداع لما ابتدع، والانقاذ لما أمرهم ø، ولم يجعل فيه الخيرة إلى عبيده، ولا الظلم لأحد من بريته، فخلق ما أراد، ونفذ ما أحب، مما تولى صنعه، فتلك إرادته التي حتم نفاذَها، وقضى كونها، وقهر سلطانُه فطرتَها. مثل السماوات والأرض، والشمس والقمر والنجوم، والرياح والسحاب، والجبال والأشجار، والأمطار والأنهار، والأجسام والأعراض، وما كان من خلقه الذي لم يشاور فيه أحداً، ولم يشاركه فيه شريك، ولم يعانده فيه معاند، ولم يَعِبْ كونَه على أحد، ولم يعذّب عليه مضادًّا ولا عاصياً، وحتَمه حتماً لا حيلة فيه. فذلك خلقه ø، وإرادته النافذة غير المقهورة ولا المردودة.
  وأما الأمر الآخر الذي أراد أن يكون من عباده بالتخيير منه لهم، لا بالجبر ولا القسر ولا الحتم، فهو ما أمرهم به من الطاعات، واجتناب المحرمات، التي جاءت بها الرسل À، ونزلت بها الكتب، من الفروض الواجبة المحتومة عليهم، وأمرهم أن لا يتعدوا حدوده في ذلك، بلا جبر ولا قسر، بل خيّرهم في ذلك تخييراً، وقال لهم: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}[الانفطار]، ولو جبرهم جبراً على الطاعة، لم يكن لهم حمد ولا أجر، كما لم يكن للسماوات والأرض حمد ولا أجر، لما فطرها عليه من الفطرة.
  وكذلك لَّما وقع التخيير لبني آدم، وجب الثواب والعقاب، ولو كان جبر