[شبهة في قوله {فعال لما يريد 107}]
  الكفار على الكفر ثم عذّبهم، لم يكن بعادل ولا صادق في قوله، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٤٦}[فصلت]، مع آيات تكثر وتطول، منها: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}[آل عمران]، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ١١٧}[هود]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ٤٤}[بونس]، فهذا قوله وخبره الذي لا ينتقض.
  وأما الدليل أن له إرادة نافذة لا مردّ لها، فقوله ø: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٤٠}[النحل]، بلا فاقة إلى ذلك القول، ولاحاجة إلى قول: {كُنْ فَيَكُونُ ٤٠}، إنما المعنى فيه: أنه كلما أراد شيئاً كان ذلك الشيء، بلا امتناع طرفة عين، لأنه حتم وقسر وجبر، وليس ثمَّ حاجة ولا افتقار إلى قول كاف ونون.
  وأما الإرادة الأخرى فهي أنه أراد من العباد الطاعة وترك المعصية، مُخبَّرين غير مجبورين، ليجب الثواب والعقاب، بالحكمة الظاهرة، وإتقان الصنع، وقوام العدل الذي لا خلل فيه.
  فالدليل على تلك الإرادة، والشاهدُ لها، قوله ø للكفار لما ادّعوا له الأولاد، والصواحب والشركاء والأنداد، عزّ عن ذلك، وتعالى علواً كبيراً! فقال: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ}[الرعد: ٣٣].
  وزعمتَ أنت وأصحابك المجبرة أن الله ø أراد من الكفار أن يدّعوا له الصواحب والأولاد، والشركاء والأنداد، فقد نسبوا إليه ø ما لا يعلم.
  فيلزمكم أيها المجبرة أن له إرادة لا يعلمها، ومن كانت له إرادة لا يعلمها فهو أجهل الجهّال، وإرادته أحول المحال، وهذا فأبطل مقال، وأضل ضلال، وكفى بهذه الحجة القاطعة لنا عليك إن عقلت وعزلت الهوى! لأنه أراد ما لا يعلم في