مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل أمر الله فرعون بالايان]

صفحة 75 - الجزء 1

  الإيمان الذي فعله، لقول الله ø: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ}⁣[النساء: ١٨]

  وقد وجدنا فرعون قد آمن حين أراد، لأنه مخيّر وليس بمجبور، وقد أخبرنا الله ø بأصدق الشهادة عنه، أنه قد آمن حين لم ينفعه إيمانه، وذلك قول الله ø يخبر نبيه محمداً صلى الله عليه وعلى أهل بيته وسلم عن قصته، حيث قال: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٩٠}⁣[يونس]. فهذا يدل على إيمانه حيث أراد الإيمان، وهذه حجة قاطعة لمن زعم أنه مجبور، وأنه محول بينه وبين الإيمان.

  وكفى بهذه الحجة شاهدا لنا عليك، إذ زعمتَ أن الله لم يُرِد إيمانه، لئلا يبطل علمه - زعمت - فقال الله تبارك وتعالى رادًّا على فرعون: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ٩١}⁣[يونس].

  فهذا القول والاخبار من الله ø، يوجب لنا على المجبرة أن فرعون قد آمن حيث أراد، لأنه مستطيع للإيمان، لأنه كان يمكنه ويقدر عليه من قبل ذلك اليوم الذي غرق فيه لو أراده. فهذه حجة واضحة لا نقض لها بحول الله وقوته.

[هل أمر الله فرعون بالايان]

  ونسأل عبد الله بن يزيد البغدادي وأصحابه المجبرة: هل أَمر الله سبحانه فرعون أن يكون منه الإيمان أم لا؟!

  فإن قالوا: لم يامره، كفروا بأمر الله وكذّبتهم الأمة.