[شبهة في قوله، {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}]
  وصار ذلك التعمير حجة عليهم، وذلك الإملاء شرا لهم، إذ لم يقلعوا عن المعاصي ويسارعوا بالتوبة والإنابة والأمرُ ممكن.
  ومثل ذلك قوله ø: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ٦٤}[النساء]، وهذه الآية مما يحتج بها القرامطة على الجهال من العوام، يقولون لهم: إنها عنى بقوله: {وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} يعنون بذلك: المهدي، لقوله - زعموا -: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} - يا محمد - {فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ} ثم قال: {وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ}، يعنون: الذي يجيء بعدك. وهذا كفر بالله العظيم، وجهل باللغة العربية. والحجة عليهم في ذلك، قول الله سبحانه: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ}[يونس: ٢٢]. أفلا ترى أنه يخاطبهم بقوله: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ} ثم صار آخر الكلام إلى قوله: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ}، وهذا ما لا تعقله القرامطة، ولا تهتدي إلى اللسان العربي فيه، لأن هذا جائز في اللغة، لغة العرب موجود في مخاطبائها، يقول الرجل للأمير وهو مواجهه: أعزّ الله الأمير قد فعلتَ بي كذا وكذا، وإن رأى الأمير أعزه الله أن يفعل لي كذا وكذا، فهذا جائز في اللغة. قال الشاعر يرثي رجلاً:
  بالهفَ كفي صار غُرةُ خالدٍ ... وبياضُ وجهكَ للتراب الأعفر
  ألا تراه كيف قال في أول بيته، كأنه يخاطب رجلاً غائباً، ثم صار آخر البيت وآخر الخطاب على رجل مشاهَد، فهذا أكبر حجة، رجع الكلام.
  ثم نقول لك: أخبرنا عن قول الله ø: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ٢٥}[محمد]، أليس هذه الآية في كتاب الله ø؟