مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}]

صفحة 311 - الجزء 1

  فلا بد لك من: نعم.

  فنقول لك: أخبرنا عن إملاء الشيطان لهم، هو الإملاء الذي أملى الله لهم بعينه أم لا؟!

  فإن قلت: نعم، هو الإملاء الذي أملى الله لهم.

  قلنا لك: فما الفرق بين إملاء الله ø، وبين إملاء إبليس؟!

  فإن قلت: هو إملاء واحد، لزمك ووجب عليك أن الشيطان شريك الله ø في فعله بعباده، وأن فعلها واحد لا فرق فيه!

  وإن قلت: إن إملاء الله ø شيء على حدة، وإملاء الشيطان شيء آخر غيره.

  قلنا لك: ففسّر لنا ذلك حتى تفرق لنا بين إملاء الله سبحانه وبين إملاء الشيطان؟

  فإن قلت: إن إملاء الله ø إنما هو جبر جبرهم عليه، وقسر قسرهم على فعله من المعاصي، لزمك أن القرآن - الذي أنزله الله سبحانه حجة له على خلقه، ودليلٌ على عدله - باطل محال، من قوله: {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ١١٧}⁣[آل عمران: ١١٧، النحل: ٣٣]، وقوله: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}⁣[الروم: ٤١]، وقوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}⁣[البقرة]، وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}⁣[الإسراء]، وقوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}⁣[آل عمران]، وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ١١٧}⁣[هود]، وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}⁣[القصص: ٥٩]، وقوله: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ٢٨ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}⁣[ق]، وقوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ١ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ٢ إِنَّا