مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس}]

صفحة 317 - الجزء 1

  التفسير في قوله ø: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا}⁣[آل عمران: ١٧٨]، إنما يعني بذلك: إنما نملي لهم لأن لا يزدادوا إثماً، وهذا من عجائب اللغة العربية وغامضها، وشاهدُ ذلك عند أهل التأويل والعلم والمعرفة، قوله ø: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢٩}⁣[الحديد]، يريد بذلك: ليعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل الله، فأدخل (لا) في هذا الموضع صلة للكلام، لأن العرب تفعل ذلك في كلامها، ودخل (لا) لغير حاجة إليها. قال الشيخ بن ضرار الثعلبي:

  أَعائشَ ما لأهلكِ لا أراهم ... يُضيعُونَ السِّوامَ مع الُمضيع

  فقوله: لا أراهم، هاهنا زائدة، والمعنى فيه: أعائشَ ما لأهلك أراهم يضيعون السِّوام مع المضيع، فأدخل (لا) صلةً للكلام. فافهم هذا الباب، وهذه اللغة العربية التي نزل القرآن بلسان أهلها.

  وقال الله ø: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}⁣[إبراهيم: ٤]، ولكن لا معرفة عند المجبرة باللغة العربية، ولذلك اعتقدوا الجبر ديناً.

  ومن الحجة أيضا فيها قلنا في هذا الباب، قول الله ø: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ٧}⁣[الفاتحة]، والمعنى فيه: غير المغضوب عليهم والضالين فدخلت (لا) صلة للكلام.

  وقوله ø: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ}⁣[يونس ٩٨]، يريد بذبلك: وقوم يونس، فادخل (لا) صلة للكلام مثل الأول.