[شبهة في قوله: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس}]
  يريد: لا يلبسون نعالاً، فأسقط (لا). فعلى هذا يخرج المعنى في الآية التي اعتللت بها، والمعنى فيها: إنما نملي لهم لأن لا يزدادوا إثما، وأن يرجعوا إلى التوبة والطاعة.
  والدليل على ذلك، قوله ø: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥]، وقوله: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[النساء: ٧٩]، وقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات].
  ولم يخبر أنه أملي لهم ليعصره ويكفروا به، عامداً ذلك بهم بغير استحقاق، جل الله عن ذلك، وعلا علوا كبيرا! ولو عبدوه كلهم لأدخلهم الجنة.
  والدليل على رحمته لهم ورأفته، وإحسانه إليهم، وإرادته أن يدخلهم الجنة، تخييراً لا جبرا، أنه فتح عليهم باب التوبة، وجعل إليه السبيل، وأمر به، وحض عليه، وحرّضهم على الطاعة، وحثهم على الهدى، ورغّبهم في الجنة، وحذّرهم من النار غاية التحذير، وقال في كتابه ø: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ}[المائدة: ٧٤]، وقوله: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٠ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ ٢١ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ٢٢ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ٢٣ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٤}[الانشقاق]، وقوله: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ٣٧}[فاطر]، وقوله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ١١٥}[المؤمنون].
  فأي عبث أعظم من عبث من أملى لعبيده عمداً ليعصوه ويخالفوا مراده، ويكفروا به ويحاربوه، ويقتلوا رسله وأئمة الهدى من خلقه، والمؤمنين من عباده؟!
  كذب العادلون بالله، وضلوا ضلالا بعيداً!