مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة خلق الله للأعضاء التي يعصي بها الانسان]

صفحة 8 - الجزء 2

  الخلود في عذاب الجحيم والعذاب المقيم؟! حاش لله من ذلك، وعلا علوا كبيرا!

  وقوله: ما كان الله {مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}⁣[الأنفال: ٥٣].

  يا عبد الله بن يزيد البغدادي: كيف ويلك استجزت بعد هذه الآية أن تقدم على هذا الكفر العظيم؟!

  وكيف وضعت فيه كتاباً تفتري فيه على الله ø جهارا؟! لايزال من شيعتك وإخوانك واتباعك من يعمل به، ويجري عليك وباله إلى يوم تلقى الله ø، فما عذرك عنده؟!

  أما تدبرت كتاب الله سبحانه يوماً واحدا؟! أما أعملت فكرك في عظيم سلطان الله وملكه، وعدله وحكمته، وجوده وكرمه، ونعمه على خلقه، ساعة واحدة، أو يوما واحدا؟! فأنزلت العدل منازله التي يشهد لها القرآن والسنة، وتشهد عليها العقول؟!

  سبحان الله العظيم، ما قدرت الله حق قدره، فعلمت أنه إنما ركب فيهم الاستطاعة، وفرض عليهم الطاعة، وامنن عليهم بالأسماع والأبصار والجوارح، وافترض الطاعة اليسيرة، ولم يكلفهم فوق الطاقة، وأنه قال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، فأين كانت أذناه عن هذا وأمثاله؟! أتراه أيها المغرور في دينه إنما عذب خلقه وغضب عليهم، وألزمهم العقاب لما وهب لهم من الجوارح السالمة، والأسماع والأبصار القائمة، وامتن عليهم بالنعمة الكاملة، والفعل الجميل غير المنغّص ولا المكدّر، ولا المعاقَب عليه، ولا المغضوب عليهم لكونه؟!