مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل أمر الله فرعون بالايان]

صفحة 77 - الجزء 1

  ويقول: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٨١}⁣[البقرة]، وقوله: {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ٩٧ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ٩٨}⁣[هود] وقال للمؤمنين: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٧٢}⁣[الزخرف]، وقال: {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ٢٤}⁣[الحاقة]، وقال: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ٦٠}⁣[الرحمن]، وقال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩}⁣[النجم]، فأضاف تبارك وتعالى فعل العباد إليهم من الخير والشر، ولم يضف شيئاً من أعمالهم إلى نفسه، إلا ما دلّهم عليه من أمره ونهيه، وتفضُّله بكرمه، لا غير ذلك.

  قال أحمد بن يحيى ª: وادعت عليه المجبرة أنه تعالى خلق الإيمان والكفر، فجعلوا زني الزاني مخلوقاً، وصلاة المصلّي مخلوقة، وأن الله ø هو الخالق لذلك كله، فلزمهم أنه شريك لهما جميعاً في فعلها، وأن الزاني لم يكن ليزني حتى خلق فعله، وأن المصلّي لم يكن ليصلي حتى خلق فعله.

  فنقول لهم عند ذلك: فكيف أثابهم الله ø وعاقبهم على خلقه؟! وهو يقول لهم: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٧}⁣[السجدة]، فأفردهم بفعل ذلك، ولم يقل: جزاء بما كنتم تعملون وأنا معكم فاعل ذلك الفعل الذي فعلتموه، فكان ذلك أعظم للمنّة، وأقوى للحجة، جل الله وتعالى عما يقوول المفترون، وعلا علوًّا كبيراً!

  ثم أعجب العجب أن هذا قولهم في الله جل ثناؤه، ثم يسمون أهل العدل قدرية مفترين، قال الله ø: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ١١٢}⁣[النساء]، فإن كان الله ø هو الذي خلق