مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل أمر الله فرعون بالايان]

صفحة 78 - الجزء 1

  أفعال المشركين وقدّرها عليهم، وحال بينهم وبين التوبة بعلمه فيهم، ثم قال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}⁣[المائدة: ٧٣]، وقال في موضع آخر: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ}⁣[المائدة].

  فنقول لك: عمّا ينتهون إن كان الله ø هو الذي قدّر فعلهم؟! وكيف يدعوهم إلى التوية وهم لا يقدرون عليها؟! - زعمتَ - سبحان الله العظيم ما أعظم فساد هذا القول!

  وقال الله سبحانه: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ٨٨ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ٨٩ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ٩٠}⁣[مريم]، ثم قال سبحانه: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ١١٢}⁣[النساء].

  فإن كان القول على ما قلتَ، لقد إذاً دخل فيما عاب، ورماهم بما فعل بهم وقدّره عليهم، وقضاه من اكتسابهم، إذ رمي الأبرياء، ولولا قضاؤه لم يفعلوا ما فعلوا على قول المجبرة، وقد قال ø: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}⁣[الروم: ٤١]، ولم يقل: با خلقتُ فيهم، ولا ما قضي عليهم.

  فهذا القرءان ينطق بتكذيبهم صراحاً، وأنتم تكابرون العقول، وتغلطون على الناس بآيات متشابهات في القرءان، جهلتم تأويلها، ولها معانٍ في اللغة العربية، تفسيرها عند أهل العلم بالدين، والمعرفة باللغة العربية، ولولا طول الكتاب لذكرتُ من ذلك من الآيات ما يتبين فيها الحق، وسأختصر من ذلك في كتابي هذا ما فيه البيان والشفاء لكل مسلم إن شاء الله.

  ونحن نسألك أيضا حين قال ø: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ