مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة خلق الله للأعضاء التي يعصي بها الانسان]

صفحة 12 - الجزء 2

  وإن قلت: إن ذلك القول لا يلزم النبي صلى الله عليه وعلى اله، بطلت دعواك، وفسد اعتقادك، وبانت فضيحتك وكذبك على الله ø، وجعلُك ذنوب العباد عليه وأن بمنّه عصوا وكفروا، ولا بد لك من أحد هذين القولين: أن تقول به، وأنت مفلوج الحجة.

  ثم نقول لك أيضا: ما تقول في رجل من المسلمين الأخيار دفع إلى رجل ألف دينار، وقال له: خذ هذه الدنانير فتصدق لي بها على الضعفاء والمساكين، وأبناء المهاجرين والأنصار، الصالحين والمؤمنين، واستقِ بها الماء في سبيل الله، وافعل بها كل بر أرضاه ولا أسخطه، ولا يُلزمك لي عقوبة.

  فأخذها ذلك الرجل وقصد بها إلى بيوت الخمارين والنساء الفواجر، والفواحش والعرافات، فأنفقها في ذلك كله حتى نفدت.

  هل كان على ذلك الرجل المؤمن المعطي لها لتنفق سبيل الله تباعة أو حريجة، أو لوم أو عذاب، أو مشاركة في جرم، أو عيب بحرف واحد؟!

  فإن قلت: نعم، إن عليه العيب واللوم والتباعة، لما أعطاه ألف دينار لينفقها في سبيل الله، فأنفقها هو في سبيل الشيطان، أَكْذَبك جميع من صلى القبلة، وأكذبتك أحكام القرآن، وأحكام القضاة والفقهاء.

  وقوله ø: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ٣٨ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ٤٠ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ٤١}⁣[النجم]، وقوله ø: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}⁣[المائدة: ١٠٥].

  وإن قلت: إنه لا تباعة ولا لوم ولا عيب على الرجل المعطي الآخر ألفا لينفقها