مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة خلق الله للأعضاء التي يعصي بها الانسان]

صفحة 17 - الجزء 2

  لا منة له في ذلك، ولزمك أن الله - ø عما قلت - خلق في صورة بني آدم بنيةً لا شكر له عليها، ولا حد له فيها، وأنما غير منة ولا رحمة، وأنه ذكر لهم في كتابه نعمة أنعم بها عليهم غير صادق فيها، وأنها ليست بمنة ولا رحمة - زعمت - وهي قوله سبحانه: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٧٨}⁣[النحل: ٧٨، السجدة: ٩، الملك: ٢٣]، فعاب عليهم قلة الشكر، وذلك يوجب أن الذي فعل بهم منة من أعظم المنن.

  وقال ø: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٨ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ٩ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ١١}⁣[البلد]. أفلا تسمع إلى قوله: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ١١}، يريد: فما الذي منعه من اقتحام العقبة بعد المنة والنعمة، والعينين واللسان والشفتين والهداية إلى النجدين؟!

  والنجدان فهما: الطريقان إلى الخير والشر، فالهداية هي التعريف بالطريقين، والدعاء إلى الخير، والنهي عن الشر.

  فأي نعمة أو رحمة أو منة أعظم أو أجسم أو أجل أو أكبر في هذه الدنيا من السمع والبصر واليدين والرجلين، وجميع الجوارح التي امتن الله ø بها على خلقه، وأوجب عليهم شكره فيها؟!

  ثم زعمت أنت أنها ليست برحمة ولا منة، وكفى بهذا جهلا وعمى! وزعمت انها قوة وليس هي رحمة ولا منة!

  فنقول لك: أخبرنا عمن وهب الله له القوة، هل الله ø عليه شكر وحمد فيما تفضل عليه به من تلك القوة وجعل فيه؟

  فإن قلت: لا، كفرت وأكذبك القرآن وجميع الأمة.

  وإن قلت: نعم، يجب أن يحمد ويشكر عليها.