[شبهة في الرزق]
  فإن قلت: فإنك قد قرأتها في المصحف، ورايتها بعينك فيه.
  قلنا لك: فلم أنزلها الله إلينا، أأراد أن يُسمرنا بها، أم ذكرها لغير علة، أم نظرٍ فينا بأنه ليس لها معنى علة من أجله نزلت؟!
  فإن قلت: إنه أراد أن يسمّرنا ويخبر بأن ليس لها معني، كفرت وخرجت من الاسلام.
  وإن قلت: إن الله أنزلها موعظة وتذكرة وتحذير من النار، وتأديبا وإيجابا عليهم أنهم هم الذين جعلوا من الأرزاق حراماً وحلالأ بظلمهم واختيارهم، فذلك هو الحق وهو قولنا.
  ثم نقول لك: أخبرنا أليس في نص هذه الآية من الشفاء والكفاية عن التطويل، ما يوجب عليك أن العباد هم الذين جعلوا ما أنزل الله لهم من الرزق حراما وحلالا؟! وأن الله ø لم يجعل ذلك الذي جعلوا! بل جعل هو ø الأرزاق فيما أخرج من المعادن والبحار، وما أنبتت الأرض، ومن غُنم الفيء، فجعله حلالا بقسمته التي قسمها للمؤمنين، وحكمه الذي حكم به للمطيعين، فمن كان في يده شيء من هذه الأشياء التي ذكرنا، فهو رزق من الله ø، وقسمة لا فساد في حلالها، ولا إثم في كسبها، فمن وجدنا معه شيئا من هذه الوجوه، إما من معدنه أخذه من حله، أو من أرض ورثها أو أحياها من حلها، أو من بحر سافر فيه، أو من غنم في حرب في سبيل الله مع المحقين، أو ميراث ورثه من ذوي أرحامه، أو دية وجبت له، أو جراح لزم له عقلها.
  قلنا له: هذا هو المال الحلال الطيب، بارك الله لك فيه، فأخرج زكاته إلى من أوجب الله طاعته، فأنت صاحب المال الحلال المقسوم من الله ø، وهو الرزق من الله الذي لا شبهة فيه.