مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في الرزق]

صفحة 23 - الجزء 2

  ومن وجدنا معه شيئا مما رزق الله عباده فسماه: رزقاً، وأخرجه لهم من الأرضين، وأنزله من سماواته إلى أرضه، وما أخرج من المعادن والبحار.

  قلنا له: من أين لك هذا المال، وكيف وقع في يدك، وعلى أي حال كسبته؟

  فإن قال: إنه لقي قوما مسلمين في طريق فقطع عليهم وأخذ أموالهم، وغنم رحالهم، ونقب دار قوم، فأخذ ما فيها من حرزهم، أو غصب أحداً من عباد الله، أو غنّى في مجالس الخمور فأعطوه جائزة، أو لعب فأخذ أجرة لعبه، أو قامر فأخذ قماره، أو خاطر على ما قال فأخذ خطره، أو ربى في ديونه فجمع ذلك الربا، أو عمل الخمر وباعه، أو أكرى القدور من الخمارين وأخذ أجرتها، أو أخذ الأرزاق من السلاطين الجائرين والخوارج على الاسلام، أو بخس في الموازين والمكايل، أو غش في الصناعات، أو خان الأمانات، ثم قال: إن الله جل ثناؤه هو الذي رزقه ذلك المال وأعطاه إياه.

  قلنا له: هلمَّ إلينا البيِّنة على دعواك. فإن لم يأت ببينة ولا برهان من كتاب الله ø، ولا من سنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم، وجب عليه أنه عند الله جل ثناؤه وعند المسلمين من المفترين للباطل، والمدّعين للزور والبهتان العظيم، وأن الله ø لم يرزقه هذا الرزق الذي ادعا، بل حرمه عليه في كتابه غاية التحريم، ونهي عنه أشد النهي، وهلك في قوله، واستوجب العذاب الأليم، لأن الله ø لم يرزقه الحرام، وقد نهى عنه وحذره منه، حيث قال في كتابه: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ١٨٨}⁣[البقرة]، فأي بيان أوضح من هذا البيان؟! وأي شاهد لنا عليك أعدل من كتاب الله ø؟!

  وإنما تعدّى هذا المعتدي فأخذ ما ليس له برزق، ولو كان الله ø الذي