مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في الرزق]

صفحة 25 - الجزء 2

  فأوجب ø أن ذلك الذي أدلوا به إلى الحكام وأكلوه من أموال الناس، أنه ليس من رزقه ولا من عطيته.

  أولا ترى كيف قسم الله ø الأرزاق في المواريث، وجعلها للأقرب فالأقرب من صلبة الرجل وحامته، وأوليائه وقرابته في النسب؟! وفرض ذلك في الكتاب، ولم يجعله لغيره، فإذا غصبهم فيه غاصب، أو أخذه منهم آخذ، أو ظلمهم فيه ظالم، أليس قد تعلم أنه قد أخذ ما فرضه الله ø لهم لا له وحرمه عليه، وأنه رزق من الله جل ثناؤه لغير ذلك الغاصب الظالم؟!

  فإن أنكرت هذا فقد خرجت من حد من يُكلَّم، وفارقت أهل الإسلام، وخرجت من المعقول، ومن حكم الكتاب وفرائضه، وفي هذه وحدها الكفاية!

  فإن أنت لم ترد علنيا جوابا، ورأيت أنك قد أصبت في حجتك هذه في الرزق، وجب عليك أنك تُطالب يوم القيامة بجرمين عظيمين، موجبين للنار جميعا:

  أحدهما: إجازتك للغاصب أخذه لأموال اليتامى والمساكين والمؤمنين، وزعم أنه إنما غصب ذلك وهو له رزق من الله ø - كما قلت.

  والخطأ الآخر: ما تقلدت من الكذب العظيم على الله، ووضعته لإخوانك سنة فيهم يقتدون بها إلى يوم القيامة، من أن الله - ø عما قلتم - هو الذي رزق الغاصب أموال المسلمين، وهو الذي يقول في كتابه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}⁣[النساء: ١١]، وقوله ø: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٦٠}⁣[التوبة].

  ونقول لك: ما تقول فيمن غصب هؤلاء الثمانية المسماة في الكتاب سُهماتهم المفروضة من الله، فاخذها لنفسه وولده، وشرب بها الخمر، وأكلها دونهم، ألستَ