مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في الرزق]

صفحة 27 - الجزء 2

  أفلا ترى كيف نسب ø إليهم أنهم هم الذين جعلوا منه الحرام والحلال على ما أرادوا، وأضاف ذلك إليهم، وأنه لم يأذن لهم به، ولم يرزقهم إياه، وأنهم قد افتروا عليه الكذب، فسبحان الله العدل الذي لا يجور، ولا يرزق الحرام، ولا يعين على الآثام، ولا الخروج من الاسلام!

  وزعمت أنت وإخوانك المجبرة أن هذه الأرزاق التي رزقها هؤلاء المسلمين في كتابه، أنه قد بدا له فيها ø عن البداوات! وندم عليها، فجعلها رزقا لقطاع الطريق، ونقاب الدور والحوانيت، وشراب الخمور، ومن يبيع الخمر، وكذلك هي أرزاق للفواجر، لأنها كراء فروجهن، وتركت قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}⁣[البقرة: ١٨٨]. فاي باطل أبطل ما ذكرنا؟!

  وكذلك يلزمك أنه جعل هذه الأموال للجَورة العاصين من السلاطين.

  ثم نقول لك: ألم تعلم ويصح عندك أن الله ø استخلف في أرضه الأنبياء، وبعدهم أئمة الهدى $، ليحكموا بين الناس بالعدل والحق، وقال لداود صلى الله عليه - وكل ما قال لداود صلى الله عليه فهو لازم لجميع من ولي الحكم بين المسلمين في الأرض إلى يوم القيامة، وكذلك كان الحكم من لدن آدم صلى الله عليه - فقال لداود: {إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ٢٦}⁣[ص].

  فنقول لك: أليس قد افترض الله ø على الأنبياء والأئمة الراشدين أن يحكموا بين الناس بالحق، وأن من وجدوا معه مالا قد ظلم فيه أحدا من عباد الله، واستفاده من غير حله، ولم يقسمه الله ø له في الكتاب، أن يأخذ الحكام ذلك المال منه، ويقهروه على رده بالسيف وغير السيف، حتى يرده إلى أهله الذين قسمهالله لهم.