مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في الرزق]

صفحة 28 - الجزء 2

  فنقول لك يا عبد الله بن يزيد البغدادي ولإخوانك المجبرة: أخبرونا الآن هل يجوز في هذا الموضع للأنبياء والأئمة الراشدين والحكام بين المسلمين، أن يأخذوا من الناس ما رزقهم الله - على قولك - من الحرام، ويرده إلى قوم آخرين قد رزقهم الله ø إياه أيضا في الكتاب، وحكم لهم به؟!

  واعلم أن الأنبياء والأئمة $ والقضاة من بعدهم، لو لم يعلموا أن رد تلك الأموال وأخذها ممن هي في يده، ودفعها إلى قوم آخرين أرضى لله، ورأوا أن ذلك رزق من الله ø، وعطية أعطاها الخونة والظلمة والجورة، وقطاع الطريق والنباشين للقبور، وجميع المعتدين، لما استحلوا في دين الله جل ثناؤه ردها، ولا قهرُ من هي في يده عليها، حتى يردها إلى قوم ليست لهم بأرزاق.

  سبحان الله العظيم ما أجهلكم، وأبعدكم من الدين، وأعظم فريتكم على الله ø، وعلى رسله وكتبه!

  ثم يأمر الله ø - زعمتم وعلى قولكم - بعد ذلك أن تقطع أيديهم مرة، وأيديهم وأرجلهم مرة أخرى، وأنهم من وجدوا ذلك معه بلغوا به غاية النكال والهوان، ولاموه أشد اللوم، وعابوا عليه أشد العيب، وسموه: سارقا وحاربا وقاطعا، ومشلحا ولصاً، وغير ذلك من الألقاب القبيحة التي أزالوا بها شهادته، وأسقطوا بها دينه.

  ولو كان ما قلتم من الحرام رزقا من الله ø للسُّراق وقطاع الطريق والعاصين، لهنأهم رزقهم ولم يكدره، ولم ينغصه بأعظم خصلتين، وأحسر حسرتين.