[شبهة في أطفال المسلمين والمشركين]
  والأزل، والخوف والبلاء، وجميع المكاره، مثل من نزل ذلك كله به، فسُفك دمه وسَفك دماء المشركين، وناله معاندوه بأنكي العقوبات، فجعلته في المنزلة - زعمت - كمنزلة أبنائهم، فوجب عليك في قولك أن منزلة أطفال النبي صلى الله عليه وعليهم في منزلته ودرجته عند الله ø. وكذلك جميع أطفال المسلمين لهم من المنزلة والثواب مثل ما لآبائهم.
  ونسيت قوله تعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ٣٠}[الكهف]، وقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس: ٢٦]. وهذا خطأ من قولك وقلة علم بحكم ربك، لأنك لا تعرف العدل ولا تميز معانيه، ولا قول الله ø: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ}[آل عمران: ١٦٣]، وقال: {وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ٢١}[الإسراء].
  ونحن نقول: إن أطفال المسلمين كلهم في الجنة برحمة ربهم، لا بعمل عملوه، ولا أجر استحقوه، وذلك أنهم لما لم يكسبوا الذنوب، ولم يجرموا الجرائم، ولم يأتوا بالقبائح، ولم ينكروا الواحد، لم تجب عليهم حجة تلزمهم بها عقوبة، ولما كان من حكم الله سبحانه أنه لا يظلم ولا يعذب على غير ذنب، كان من جوده وكرمه وسعة ما عنده من الفضل والكرم، أن تفضل على الأطفال جميعا من ولد آدم بدخول الجنة، رحمة منه وتفضلا، إذ لا ذنب عليهم، فلم يجز في الحكمة والكرم إلا الامتنان بالرحمة، إذ لا ذنب تقع عليه عقوبة.
  وأما قولك في أطفال المشركين: أنك تقف عنهم - زعمت – وتسير فيهم - زعمت - بسيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، فتسبي أولاهم - زعمت - وتغنم أموالهم، فقد أخطأت في الشرح، وهلكت في الاعتقاد، وغلطت في القول،