مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في أطفال المسلمين والمشركين]

صفحة 34 - الجزء 2

  يخلق الله تعالى فعلها - على قَوَد قولك - ولم يقض عليها قضاءا، ولم يرد منها إرادة ولم يحكم فيها بحكم، ولم ينزل فيها كتابة يعمل به المسلمون، ولا سنة عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تؤثر عنه.

  ونحن نسألك فنقول لك: أخبرنا عن هذه الفرقة الثالثة التي لم يرد الله ø منها إيمانا ولا كفرا - على قولك - ولم ينزل فيها كتابا ولا ذكرا، ولا سنة ولا امرا - على قَوَد قولك - أهم من خلقه فنسيهم، أم من خلق غيره؟! فلم يجب أن يحكم في خلق غيره!

  فإن قلت: هم من خلقه فنسيهم، كفرت وخرجت من الاسلام، لأنه ø لا ينسي ولا يغفل عن أحد.

  وإن قلت: هم من خلق غيره، أشركت ووجب سفك دمك.

  وإن قلت: بل هم من خلقه.

  قلنا لك: فهل ذكرهم في أحكامه وكتبه، أم غفل عنهم؟

  فإن قلت: غفل عنهم، كفرت وشهد عليك القرآن بالتكذيب لك ولأهلك مقالتك من المجبرة، حيث يقول ø: {وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ١٧}⁣[المؤمنون]، وقوله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ١١٥}⁣[المؤمنون]، وقوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ٣٨]، وقوله: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ}⁣[فاطر: ١١، فصلت: ٤٧]، وقوله: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ}⁣[غافر: ٦٧]، يعني: الأطفال. وقوله: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ٨ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ٩}⁣[التكوير]، فهذا كله يدل على أنه ø غير غافل عن الأطفال ولا غيرهم، وأنه قد ذكرهم لنبيه صلى الله عليه واله وسلم، وجعل لهم حكما في كتابه.