مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في أطفال المسلمين والمشركين]

صفحة 35 - الجزء 2

  وإن قلت: إنه ø لم يغفل عنهم، ولم يدع ذكرهم، ولا الحكم فيهم في حكمته وعدله وكتبه وسنة نبيه ~ وعلى اله، لزمك أنك قد كذبت على الله ø، وخالفت حكمه، وعطلت كتابه، في وقوفك عن أطفال المشركين، ورجعت إلى قولنا بالعدل، وأن الله ø لم يدع شيئا من الأشياء حتى ذكره في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى اله، من أسباب الدين، وما تحتاج إليه الأمة في أداء فرضها الذي كلفها، إذ قال: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل: ٨٩].

  والذي كذبت فيه وعطلت من الكتاب، وتركت حكم الله ø في أمر الأطفال خاصة، قولك: إنك تقف عمن لم يقف الله عن ذكره، ولا عن بيان أمره، والحكم فيه، وإنه ø أرسل رسوله محمد بن عبد الله ~ وعلى آله وسلم يقاتل المشركين، فإذا ظفر بهم لم يقتل أولادهم، وذلك الدليل على أنه لو قتل أولاد المشركين، لجاز عذابهم في الآخرة.

  فلما لم يقتلهم # لم يجز عذابهم في الآخرة، لأن الله ø لا يعذب في الدنيا ولا في الآخرة على غير جرم، وكذلك أولاد الزنا من أهل القبلة، بان لنا من رحمة الله ø وعدله فيهم، أن المرأة الحامل تستوجب أن يقام عليها الحد إذا فجرت، فلا يقام عليها ذلك الحد الواجب حتى تضع ما في بطنها، ثم لا يقام عليها الحد حتى تفطمه، ودليل ذلك واضح على رحمة الله ø له، وأنه إنما أخر عنها الحد لحسن نظره للطفل لا لها.

  وكذلك المشركة إذا كانت تحت أحكام الإسلام، فلزمها قتل أو حد من حدود الله ø، التي يجب بها القتل، لم تقتل حتى تضع ما في بطنها، رحمة من الله ø، وعدلا منه على من لم يذنب، ولم يعص الله جل ثناؤه طرفة عين، ثم إذا وضعت لم يقم عليها الحد أيضا حتى ترضع حولين كاملين وتفطم، فهذا فعل الله