[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]
  قال الكميت بن زيد الأسدي |:
  فطائفةٌ قد أكفروني بحبكم ... وطائفة قالوا مسيءٌ ومذنب
  يعني انهم سموه: كافرا، ولم يجعلوا فيه الكفر جعلاً.
  وكذلك أيضا الجعل، مثل قوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}[القصص: ٤١]، فذلك جعل حكم وتسمية، ومثل ذلك: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}[الأنعام: ٢٥، الإسراء: ٤٦]، أي: سميناهم وحكمنا عليهم بفعلهم، ولو كان ø هو الذي جعل الأكنة على قلوبهم، على ما يعقل من الحجب والأستار، ثم أرسل إليهم بقرآن، افترض عليهم استماعه والعمل بما فيه، وقد حال بالأكنة بينهم وبين استماعه، لزالت الحجة، ولسقط عنهم الفرض.
  والشاهد على ذلك، قوله: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}[يونس: ١٠٨]، غير مجبور ولا مخلوق فعله، وكفى بهذه الآية شاهدة لنا أن من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، غير مجبور ولا مخلوق فعله.
  والشاهد لنا على ما ذكرنا في الأكنة، إقراركم لنا يا معشر المجبرة أن الأصم الذي لا يقدر على السمع، قد زال عنه فرض استماع القرآن والعمل بما فيه، وأنه إن عقل الصلاة بتعليم الإيماء، جازت له وقبلت، بلا قراءة الحمد وسورة معها، وقد جاءت السنة أن كل صلاة بغير قراءة الحمد فهي خداج، فهذه حجة قاطعة لا حيلة لكم فيها.
  وأما الجعلُ الآخر: فهو قوله ø: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا}[الأنبياء: ٣٢]، {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ}[الإسراء: ١٢]، {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ