مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]

صفحة 47 - الجزء 2

  لعدل الله ø، وتنفي عنه الجور والظلم، وخلق أفعال العباد، وإرادة السوء والظلم والفساد، اختصرنا فيها خوف التطويل.

  ومن الجعل الآخر أيضا الذي هو جبر وحتم، قوله ø: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}⁣[الزخرف: ٣]، فهذا جعلُ حتم وخلق - على قَوَد قولكم - لأنكم أيها الخوارج تدعون القول بشيء من معرفة التوحيد، فمن حجتكم في التوحيد - زعمتم - أنكم تقولون: إن القرآن مجعول، وكل مجعول مخلوق، فهذا يلزمكم لنا أحببتم او كرهتم، لأنه أصل قولكم في التوحيد.

  فإن قلتم: وكذلك يلزمنا نحن أيضا أن كل مجعول مخلوق من غير القرآن، من الجور والظلم، والفسق والكفر، الذي زعمت أن الله خلقه وصنعه، فإنا نقول لكم، رادين عليكم، فإن قصيدة لبيد بن ربيعة الكلابي التي هي سمطة التي يقول فيها:

  عفت الديار محلها فمقامُها ... بمني تأبد غولُها فرجامُها

  مجعولة جعلها لبيد بن ربيعة الكلابي وصنعها، والله ø - زعمتم - الذي خلقها كما خلق القرآن، وصنعها كما صنع القرآن - على قوَد قولكم - فلا بد لكم من أن تقروا بذلك، أو ترجعوا عن دعواكم، لأخذنا بأكظامكم في هذا الموضع، فتقولوا: إن الله ø لم يخلق قصيدة لبيد ولم يصنعها.

  فإن قلتم: إن الله ø خلق قصيدة لبيد، على دعواكم أن الله خالق كل شيء.

  قلنا لكم: وكذلك خلق الله القرآن، فما الفرق بين الشعر والقرآن في الفطرة والصنعة؟ وما فضل أحدهما على الآخر؟ فلا تجدون فرقا تدفعوننا به، لأن الشعر -