[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]
  في زعمكم الله خلقه والقرآن الله خلقه - زعمتم - فجائز لمن صلى بقصيدة لبيد وغيرها من الأشعار، وجائز لمن صلى بالقرآن، لأنه كله - على زعمكم - خلق الله وصنعه، وصنعه خلقه، وخلقه صنعه، على ما قلت يا عبد الله بن يزيد البغدادي في اول مسالتك هذه خاصة.
  فإن قلت: إن الله ø افترض الصلاة بالقرآن، ولم يفترض الصلاة بالشعر.
  قلنا لك: صدقت، ولكن هات لنا حجة تفرق بها بين خلقه للقرآن، وبين خلقه للشعر؟
  فإن قلت: إن الفرق من قِبَل أن القرآن خلقه وحده لم يشركه فيه أحد، والشعر خلقه هو وغيره من الشعراء - على قَود قولكم - فعل من فاعلين، وإنه لله خلق وللعباد كسب.
  قلنا لك: فقد لزمك أن لله ø شريكا في خلقه، ولا بد لك أن تقول: إن الله جل ثناؤه ولبيد بن ربيعة الكلابي صنعا القصيدة، وخلقاها خلقتها المعروفة.
  عَفَتِ الديار محلُّها فمُقامها ... بمني تأبد غَولُها فرجامُها
  فتقول: إنما خلقاها جميعًا وصنعاها، فلله نصفها وللبيد نصفها - على قَوَد قولك - فيجب عليك أنك قد رجعت عن قولك: إن الله خلق أفعال العباد، وصرت بأنه يخلق نصف أفعال العباد، وانتقض قولك الأول الذي تطاولت به، وانتفخت علينا بسجعه.
  وإن قلت: إنك لا تقول إن الله خلق نصف قصيدة لبيد، ولبيد خلق نصفها الآخر.
  قلنا لك: فكيف تقول في القصيدة، من خلقها هي وسائر الأشعار، إذ قد رجعت وكرهت أن تقول: إن الله خلق نصفها، ولبيد بن ربيعة نصفها، فهل تقول: