مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]

صفحة 49 - الجزء 2

  إن الله خلقها وحده منفردا بها، لا شريك له في خلق القصيدة؟! وخلقه صنعُه - زعمت.

  فإن قلت: نعم، الله الذي تفرد بخلق القصيدة وصنعها وحده، لزمك صاغرا داخرا عاثرا أن الله ø الذي صنع هذا القول، جل الله عن قولكم، وهو قول لبيد بن ربيعة:

  بل ماتَذكر من نوارَ وقد نَأت ... وتقطعت أسبابها وزمامُها

  فيلزمك - ويلك - أن الله ø يصنع الغزل ويخلقه - على قَوَد قولك - واحتجاجك أن الله خلق كل شيء من جميع الأشياء من العباد، من كفر أو إيمان، او طاعة أو عصيان، أو شعر، أو غيره، وقولهم الخطأ والخنا، وأن خلْقه صنعه - زعمت - وأن ما خلقه فقد صنعه.

  فاسمع ما يلزمك من الفضيحة الهائلة في هذه القصيدة، وما ألزمت الله ø من خلقه لها، وإن ذلك يلزمك الشرك، ويخرجك من الاسلام، لا قلت: إن الله يصنع الأشياء كلها ويخلقها.

  فاسمع ما يلزمك في ذكر النساء، ووصف اسبابهن، ونعت الخمر، وصفة الإبل والخيل، والقفار، والحل والارتحال، وتقطع الوصال، فيلزمك أن معبودك هو الذي خلق هذا الشعر كله، وكل شعر على وجه الأرض فيه الغناء والقبيح. من ذلك قول لبيد في البيت الثاني:

  مُرّيةٌ حَلّت بفيدَ وجاورت أهل الحجاز فأين منك مَرَامُها