مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]

صفحة 65 - الجزء 2

  أليس آيات القرآن تشهد وتدل على أن الثواب للمطيعين العاملين، وعلى أن العقاب على العاصين التاركين، الذين آثروا الهوى، واختاروا لأنفسهم الدنيا، على الآخرة التي تبقى، فقتلوا الأنبياء وأئمة الهدى، وأشركوا وكفروا وفعلوا كل قبيح باختيارهم وإرادتهم، لا بإرادته ø، ولا خلقه الذي ألزمته أنه خلق فعلهم، بل هو البريء عن ذلك، تبارك وتعالى!

  وقال في غير موضع من القرآن ما لا نحصيه، أن العقاب وقع عليهم: بما {قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ}⁣[المائدة: ٨٠]، وبما عملت أيديهم {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ٧٧}⁣[البقرة: ١٠، التوبة: ٧٧]، و {بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ٧٠}⁣[الأنعام: ٧٠، يونس: ٤، ٧٠]، قال الله ø: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٢١ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ٢٢}⁣[فصلت]، وهذه الآية من الشواهد أن هذا الشيء خاص دون عام، يعني به مما أنطق، إذ كان كل شيء لا ينطق إلا أهل النطق لا غيرهم، وإنما احتججنا بهذه الآية، لأنها توجب لنا حجة فيما نحن في ذكره، وحجة لنا عليك في دعواك: أن الله خالق كل شيء، تريدون بذلك أفعال العباد، وجب في هذه الآية أن {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الرعد: ١٦، الزمر: ٦٢]، وإنما هو خاص لا عام، مع شواهد كثيرة سوف نذكرها في مواضعها إن شاء الله.

  وكذلك قوله ø لأهل الجنة: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٧}⁣[السجدة: ١٧، الأحقاف: ١٤، الواقعة: ٢٤]، وقوله: {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ٢٤}⁣[الحاقة]، وقوله: {قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ١٧ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ١٨ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ١٩}⁣[الذاريات]، وقوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا