[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]
  لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت: ٦٩]، وقوله: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٩٧}[النحل]، وقال: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ٣٦ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ٣٧}[النور].
  فهذا القرآن الذي لا حيلة لك في رده، يوجب أن الجزاء لا يكون إلا على المجازي، وإلا لم يجب أن يجزي المجازي على عمل نفسه، ولا يسمى ذلك: جزاء، ولا يعرف في لغة عربية ولا غير عربية، ولا يقبله عقل لبيب.
  إلا أن يقال لرجل: أعطني جزائي على زيارتك لقبر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، أو أعطني أجري على حجتك إلى البيت الحرام، أو يجوز في اللغة أن فلانا احتفر بئرا بيده، فلما فرغ منها وخرج ماؤها، قدم إليه رجل من أهل البصرة فقال له: أعطني أجري على بئرك التي حفرتها لنفسك وبيدك.
  وهذا نفس المحال من المقال، فكيف قول عبد الله بن يزيد البغدادي في هذا الموضع؟! وما حجته على الله ø أن يكون يجزي على فعله هو، ويعاقب على فعله وهو خلقه - زعمت - - صنعه، فيجزي على صنعه الذي صنعه دون غيره بالجنة وبالنار، التي إليها مصير الخلائق، وملك الأبد، أو عذاب الأبد.
  فهل يخرج هذا القول في فعل حكيم، أو عادل كريم، {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١١١}[البقرة: ١١١، النمل: ٦٤]، فلا حجة لك في هذا ولا خلاص، إلا التوبة والرجوع، فتضيف إلى كل عامل عمله، لقول الله ø: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}[الزلزلة]. كأن هذا القرآن عنى به غير المجبرة، وكأنهم لم يسمعوا قوله ø: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}[الكهف]،