[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]
  بأمر بعضه يكفي، لأنا نعلم ما يريد في أول كلمة يقولها، ولا بد لنا إذا كرر أن نكرر عليه حتى يتبين.
  الجواب قال أحمد بن يحيي ª: إنا نقول: إن العباد يقدرون على أن يحولوا الكفر إيمانا، فيخرجوا من الكفر إلى الايمان الذي دعاهم الله إليه ø، وكذلك هم قادرون على أن يحولوا الايمان كفرا، فيرتدوا عن الايمان الذي أمرهم الله ø بالدخول فيه، فيرجعوا عنه ويصيروا إلى الكفر الذي نهاهم الله عنه. إلا أن تقول يا عبد الله بن يزيد البغدادي وإخوانك المجبرة: إن أحدا من الناس لم يرتد قط عن الاسلام، وإن أحدا لم يخرج من الكفر وعبادة الأصنام، ويرجع إلى الايمان؟!
  وكفى شهادة القرآن لنا على من آمن، وعلى من ارتد، فأي حجة لك في هذا؟ وأي قول قد كررت فيه ووكدته، حتى كأنك قد جئت بشيء تبهر به أهل العدل، الحياة عن دين الله جل ثناؤه، وأهل الذب عن الإسلام، فهذا يوجب عليك أن العباد يقدرون على أن يجعلوا الايمان كفرا والكفر إيمانا. وجعلهم هو أفعالهم التي لم يخلقها الله ø عن ذلك، وخيّرهم فيها، وقال: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: ٢٩]، بعد إرسال الرسل، وإنزال الكتب، والإعذار والإنذار، ثم قال: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}[الكهف: ٢٩].
  وأما قولك في التحسين والتقبيح، فالحسن عند الله ø فهو الحسن الذي لا ينكر، ولا يخرج من التعارف، ولا مما دعت إليه الرسل، ولا مما جاءت به الكتب.
  والقبيح فهو القبيح الذي لا يجهل، مما نهت عنه الرسل، وحرمته الكتب.
  فالقبيح مثل فريتك على الله أنت وأصحابك المجبرة، من قولكم: إن الله ø - قلتم خلق زنا الزانين، وإلحاد الملحدين، وشرك المشركين، وقتل الأنبياء،