مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]

صفحة 71 - الجزء 2

  لدلهم أنه عادل ... ولكنهم فيه لم ينظروا

  وأما الفعل الحسن الذي سألت عنه، فهو الإجابة إلى كتاب الله ø، وما دعا إليه رسوله صلى الله عليه وآله من الطاعة، التي قال الله جل ثناؤه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٣}⁣[فصلت]. فهذا هو الحسن الذي سألتنا عنه عن تفسير الحسن والقبيح، فتدبر ما قلنا، وما جاءتك من حجتنا هذه، القاطعة لدعواك، والحمد لله رب العالمين.

  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: ثم سلهم فإن قالوا: إن الله إنما جعل اسم الكفر واسم الايمان، ولم يجعل الايمان ولم يجعل الكفر. فقل لهم عند ذلك: أخبروني عن اسم الإيمان أهو الايمان؟ وعن اسم الكفر أهو الكفر؟

  فإن قالوا: إن اسم الايمان هو الايمان، وإن اسم الكفر هو الكفر، فقد أعطوك أن الله جعل الايمان والكفر، وصنعها وخلقهما، فقد أمكنوك من أنفسهم، ورجعوا عن قولهم، لأن اسم الكفر هو الكفر، واسم الايمان هو الايمان، لا أن الاسم غير المسمى، فإذا جعل الله الأسماء، لزمهم أن الأسماء هي الأشياء بعينها لا غيرها، فقد جعل الله أسماءها، وأسماؤها هي هي، وليس الاسم شيئا غير الكفر، وكذلك الايمان ليس اسمه غيره، فقد جعل الله الكفر والايمان وصنعهما وخلقهما.

  وإن قالوا: إن اسم الكفر غير الكفر، واسم الايمان غير الايمان، والكفر المعنى الذي وقع عليه الاسم، والاسم ليس بكفر ولا إيمان، فارجع إلى أصل مسالتك، فقل: أليس العباد جعلوا الايمان غير الكفر، والكفر غير الايمان، وهم جعلوا الكفر قبيحا، والايمان حسنا، والله لم يجعل ذلك؟! ثم ارفعهم إلى ما رفعتهم إليه في