مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]

صفحة 74 - الجزء 2

  بأوضح دليل، وأبين برهان، فقد ثبت عليك الفلج، والحمد لله رب العالمين.

  وقد بان لنا ولأصحابك جهلك في التوحيد، وصح تشبيهك، إذ زعمت أن اسم الايمان ليس هو شيء غير الايمان، وأن اسم الكفر ليس هو شيء غير الكفر فاستفد أنت وأصحابك هذه الفائدة في التوحيد الذي جهلتموه كما جهلتم العدل، واعلموا علم يقينا أن التوحيد لا يتم لمعتقِده، ولا القائل به، إلا بمعرفة القول بالعدل، وإلا فلا يصلح توحيد إلا بعدل.

  ألا ترى كيف أخطات الخطأ العظيم في التوحيد، ولزمك التشبيه لما احتججت في إبطال العدل، بأن الاسم هو المسمى لا غيره، فلزمك الكفر في التوحيد. ففسد عليك اعتقادك وما ادعيت من معرفة التوحيد، فشبّهت وألحدت، وبان جهلك، وسقطت رئاستك، وهذه التي جئت بها من الخطا أعظم من جبل أحد، فقد افتضحت وفضحتك!. إلا أن ترجع أنت وأصحابك إلى تعلم العدل والقول به، وتتوبوا عن الجبر والجهل.

  ومن الحجة لنا عليك أيضا في أن الاسم غير المسمى، أن قائلا لو سمى دنانير ودراهم وإبلاً وخيلا وقال: هي عندي، وهو فقير لا دنانير له ولا إبل ولا خيل، لم يحصل معه من تسميته الدنانير والدراهم، والإبل والخيل، قليل ولا كثير.

  وكذلك لو قال وذكر خبزا ولحما وتمرا وهو جائع، لم ينفعه ذلك ولم يشبعه، لأن الاسم غير المسمى.

  وكذلك لو قال: ماء الفرات وهو عطشان، لم يروه اسم الماء دون وجود الماء.

  فمن هاهنا وجب عليك أن الاسم غير المسمى، وبطل ما قلت، لأن اسم الله ø غير الله سبحانه، وهذا اسمه مكتوب في المصاحف، يراه الناس وتحيط به الأقطار، إذ الاسم أحرف اربعة، والمسمى لا نظير له ولا عديل، ولا يتجزأ أجزاء،