[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]
  تبارك وتعالى الواحد الفرد، الذي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}[الشورى]! أسماؤه تعبير، وأفعاله تفهيم، وهو اللطيف الخبير!
  ثم نقول لك: أخبرنا عن قول أبي جهل بن هشام لعنة الله عليه بالتعنيف منه لمحمد صلى الله عليه وعلى آله، جاءنا محمد - زعم – بالايمان ليدخلنا فيه، هل قول أبي جهل وتسميته للايمان توجب له إيمانا، أم لا؟!
  فإن قلت: نعم، إن ذلك القول الذي ذكرته اسم الايمان يوجب لأبي جهل إيمانا، لزمك أنك قد شهدت له بالايمان، ووجب عليك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قتله ببدر وهو مؤمن، إذ اسم الايمان هو الايمان عندك.
  وإن قلت: إنك لا توجب لأبي جهل تسميته للايمان إيمانا، رجعت عن قولك، وافتضحت عند أصحابك، ولزمتك التوبة من فريتك على الله ø، وبطلت حجتك.
  وكذلك إن قال رسول الله ÷: «الكفر دين الشيطان»، وسمي كفرا، لزمه - على قَوَد قولك - فعل الكفر، وهل تقول ذلك أم لا؟!
  فإن قلت: إن الكفر يلزم النبي # حين سمى الكفر: كفرا، كفرت بالله واشركت، وخرجت من الاسلام بقولك في النبي ÷ مثل هذا القول.
  وإن قلت: لا يلزم النبي ÷ بتسميته الكفر: كفرا أنه يكفر، بطلت حجتك، وانتقض كتابك الذي وضعت لأصحابك على اهل العدل. وكفى بهذه فضيحة وحجة باهرة!
  والعجب من أصحابك كيف يقيمون على قولك ويعتقدونه دينا، تذهب فيه اعمارهم بعد هذا البيان، إلا أنهم اتخذوا دين الله جل ثناؤه عصبية وحمية، واستكبارا عن الرجوع إلى الحق، مع قولهم إنهم لا يقدرون على تغيير خلق الله وإرادته، لما هم