مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]

صفحة 76 - الجزء 2

  عليه - زعموا - من المذهب، وأبطلوا قوله لمحمد صلى الله عليه وعلىآلهوسلم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[النساء: ٦٤].

  فزعموا أن من علم الله منه الكفر والمعصية، أن الله لا يريد منه الايمان، لأنه إن أراد منه الايمان بطل علمه - في زعمهم - وقد قال الله ø: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[النساء: ٦٤]، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}⁣[سبأ: ٢٨]، وقوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}⁣[الأعراف: ١٥٨].

  وزعم عبد الله بن يزيد البغدادي ومن قال بقوله من المجبرة: أن الله - ø عن قولهم - لم يصدق في هذه الآية، وأنه أراد من قوم الإيمان، ومن قوم الكفر، وردُّوا كتاب الله صراحا بلا حجة، إلا بدعوي فاسدة، إذا ما قابلها الرجال من أهل العلم والتوحيد أبطلوها عليهم، وعرّفوهم بجهلهم مثل ما قد تسمع، والله يعلم إنا لندع كثيرا من الحجج لكثرتها وترادفها علينا، وتسابقها إلى جوابنا، والحمد الله المعز لدينه، والناصر لحقه، والموضح لكتابه، والمذل لمن عانده وكفر به.

  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: ثم سلهم مع هذا فقل: أرأيتم إذا كانوا هم يجعلون الايمان والكفر، أليس الايمان طاعة، والكفر معصية؟!

  فإن قالوا: بلى.

  فقل: أفليس هم الذي يصنعون ذلك، وليس لله ø فيه صنع؟

  فإن قالوا: نعم.

  فقل: أفليس أنتم لا تحتاجون إلى الله فيها، وأنتم أغنياء عن الله في الطاعة لا تحتاجون إلى الله فيها، ولا إلى عون الله عليها، ولم يعن الله عليها خلقا قط، ولم يحتج خلق قط إلى الله، والناس مستغنون عن الله فيها. فإن أعطوك هذا، فما أراك أن تريد ترفعهم إلى أعظم من هذا.