مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]

صفحة 81 - الجزء 2

  نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ١٩ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ٢٠}⁣[عبس].

  فنقول لك: ما القول عندك في قول الله جل ثناؤه: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ١٧}، أيجوز من فعل حكيم عادل أن يقتل رجلا في غير جرم، وهو الذي أراد قتله ثم يقول: قبح الله فلانا، ما أشره وما أظلمه، هل يجوز هذا في لغة العرب وفي واضح العقول؟!

  ثم نقول لك على أثر هذا، أحين قال ø: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ٢٠}، أتقول إرادته لكفره، أم إرادته لايمانه؟

  فإن قلت: هو إرادته لايمانه، صدقت وقلت الحق وهو قولنا، لأن الله ø قد بشر الكفار كلهم للسبيل"، ودعاهم إلى الطاعة، وعرفهم سبيل التقوى، ودلهم على النجاة، فاختاروا الكفر على الإيمان، ولزمك أنك قد رجعت عن قولك: إن الله أراد الكفر من الكافرين.

  وإن قلت: إن هذا التيسير من الله جل ثناؤه للكافرين، إنما هو إلى سبيل الكفر لا إلى سبيل الرشد، أكذبك الله ø بواضح البرهان، وأبين البيان، وأقوى السلطان، بقوله تبارك وتعالى الذي لم تهتد إليه، ولم تدبر [ه] قط في ساعة من الساعات: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ٣}⁣[الأنسان]، فأخبر عز رجل أنه هدى الكافرين والمؤمنين، ابتداً منه ومنّة ونعمة، بغير استحقاق استوجبوه، وذلك هدى تعريف ودلالة إلى السبيل، بالكتب والرسل، لا هداية جبر ولا قسر لواحد من الفريقين.

  وأخبرنا في هذه الآية أنه قد بدأ الكفار بالدعاء والهداية إلى الإيمان وهم على