[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]
  كفرهم، وهذه سنة الله ø في الأولين والآخرين، أنه يدعوهم إلى دينه، وذلك قوله ø: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ١٢ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ١٣ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ١٤ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ١٥ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ١٦ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ١٧ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ١٨ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ١٩ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ٢٠ وَلَسَوْفَ يَرْضَى ٢١}[الليل].
  فاسمع إلى هذا البيان، وإلى واضح هذا البرهان، كيف ذهبت عنه وكيف خرجت منه وتركته صفحا، فلا يبعد الله إلا من ظلم، ثم يكذبك بعد هذا جميع أهل القبلة بأسرهم أن الله ø ما عنى بتيسيره الكفار إلى السبيل، إنه لم يعن بذلك إلا سبيل الهدى والطاعة والرشد، لا اختلاف بينهم في ذلك، ومن رده كفر.
  وقوله سبحانه: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ}[البقرة: ٢٨]، أهذا عندك قول من أراد منهم الكفر؟! ثم يسألهم فيقول: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا}، وهو الذي أراد كفرهم، سبحان الله العظيم ما أقبح ما قلتم، وأوضح فساده!
  وقوله ø: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ٤٩}[المدثر]، وقوله: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ}[المائدة: ٧٤]، وقول المؤمن في سورة يس: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٢٢}[يس]، وقوله يخبر عن الكفار: {أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا}[القصص: ٦٣]. فكل هذه الآيات تشهد على تكذيبك، وتشهد لله جل ثناؤه بالبراءة مما قلت، إنه أراد كفر الكافرين.
  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: وإن سألوك أخلق الله الكفر والايمان؟
  فقل: نعم، خلقهما الله عملا من العباد، ولم يعملهما على وجه ما عملهما العباد، العباد يزنون ويسرقون، ولم يفعل الله ذلك على ما فعله العباد، ولكن الله ø