[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]
  ثم نقول لك: أخبرنا عن إرادة الله ø لكفر خلقه - زعمت - هل هو اهل لما أراد من ذلك؟
  فإن قلت: نعم، هو أهل لما أراد من ذلك، لزمك أن الله ø أهلٌ أن يُكفر به، وبان كفرك، وحسبك بهذا جهلا!
  وإن قلت: إن الله ليس بأهل لما أراد من الكفر، لزمك أنه ليس بأهل لما أراد، وفي هذه فضيحتك وانقطاعك، فاختر أي القولين شئت، ففي هذه المسألة وحدها قطع كل مجبر على وجه الأرض.
  وأما السرابيل التي سألت عنها، فهي أيضا دلالة الله ø دل عليها المؤمنين، وتعريف عرّفهم به، ليتحصنوا بها عن الظالمين، دل الله جل ثناؤه وعز نبيه داود صلى الله عليه، فعملها بيده وقدّر سَردها باستطاعته، ولم يخلق الله ø الدروع حلقا ومسامير، وإنما خلق الله ø عين الحديد، ومن ذلك الحديد عمل الناس الدروع، وكذلك جميع الصناعات، ولم يخلق الدروع فيكون زرّادا، ولا السفن فيكون نجارا، وقد قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ٢ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ٣ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ٤ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ٥}[العلق].
  فهل تقول: إن كل كتاب كتبه أحدٌ من كفرٍ وإلحاد، وتشبيه وجبر، وشعر وغناء، وسفه وفساد، إن الله ø هو الذي كتب ذلك الكتاب، لأن خلقه فعلُه - زعمت - وفعلَه صنعه، وأنه فعل خَلق أفعالهم؟!
  فيلزمك أنه إذا تكاتب سفيهان بالسفه أحدهما إلى الآخر، كان الله عندك هو الذي كتب ذلك الكتاب وخلقه، وكفاك بهذا فرية على الله ø!