[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]
  يخلدون، ولم يقل كما قلت: إنه خلق ما عملوا فيها. فهذا شاهد من كتاب الله جل ثناؤه.
  وزعمت أنك لا تستطيع أن تكتب علينا كل ما يدخل في مسائلك، لأنها - زعمت - تكثر، وأنت أيها المسكين المغرور لم تظن أنه يحل بك منا ما حل، ولا ينزل بك ما نزل، وليس صبي من صبيان أهل العدل تهوله مسائل أهل الجبر، لأن الحق إنما جعله الله ø حقا في نفسه بالحد، والباطل جعله باطلا في نفسه بالحكم والتسمية، لا بالخلق والجبر، فمحال أن يزهق حق ويثبت باطل، وإنما الذي يزهق الباطل ويثبت الحق، وكذلك قال رب العالمين: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ١٨}[الأنبياء].
  وإلا فأوجِدنا إن كنت صادقا قوي الحجة أين موضع خلق الله لأفعال العباد؟ حتى نعرف كيف ذلك الخلق، وكيف صورته؟ وأين موضعه؟ وأين يكون؟ حتى تفرق لنا بينه وبين فعل العباد، ولو بمقياس شعرة، فلن تجد ذلك أبدا بنور الله وبراءته من قولكم.
  وأما قولك: أن نسأل عن قول الله ø: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ}[النحل: ٨١]، فقلت: كيف جعل الله السرابيل؟ وكيف خلقها لهم، وهم الذين عملوها كما عملوا الكفر والايمان؟
  فإن قلنا لك: - زعمت - أن الله خلق الشجر الذي يكون منه الثياب، وخلق الحديد الذي يكون منه السرابيل، فتسألنا - زعمت - هل يجوز إذا رأينا حديدة أن نقول: هذا سرابيل، وإذا رأينا شجر قطن أو قطنا أو كتانا، قلنا: هذه سرابيل تقينا الحر، ولم تغزل ولم تنسج ولم تحك ولم تعمل، وإذا رأينا جبلا مصنوعا ليس فيه كنّ قلنا: هذا كن.