مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]

صفحة 94 - الجزء 2

  وعند ذلك يلزمك أيها المفتري على الله ø الفرية العظيمة في قولك: إنما خلق الكفر والشرك، وجميع القبائح والمعاصي، كما خلق الحديد وشجر القطن والكهوف الموجودة في الجبال من خلق الله ø وتقديره، وأنك تلزمه ø أنه خلق الدروع وحاك الثياب، وعمل السفن والصناعات، والكهوف المحفورة.

  فنقول لك أيها المفتري على الله: أوجِدنا الكفر والشرك، والزنا والخنا، وقول الكفار: إن الله ثالث ثلاثة، وإن له ø صاحبة وأولادا، وكذلك توجدنا قتل الأنبياء وأئمة الهدي، كما أوجدتنا الحديد الذي منه عملت الدروع، والشجر الذي منه عمل القطن، والخشب الذي منه عملت السفن، وجميع ما ذكرت، حتى تبصره بالأعيان، ونلمسه بالأيدي، وتدركه جميع الحواس، ويكون جسما موجودا معروفا، قد تميز من قبل فعل الآدميين له، كما تميز الحديد وشجر القطن، وغيره من قبل عمل الآدميين له، فتوجدنا جسما معروفا مقدورا عليه، ومنظورا إليه، أو مسموعا صوته، أو مشمومة رائحته، أو مدركا ذوقه، أو ملموسا بحاسة، أو محويا بقطر من الأقطار، كما أوجدتنا الحديد والقطن والخشب، وغير ذلك مما خلق الله ø.

  لا بد لك من ذلك، وإلا لزمك أنك تناظرنا على أمر محال، وخلقٍ لا يدرك ولا يعرف، ولا يوجد متجسما ولا مرئيا ولا ملموسا، فتكون دعواك باطلة بلا بينة، ولا أمر تشهد عليه العقول والألباب، ولا تدركه الحواس، ولا يوجد في لغة العرب، ولا يوجد في كتاب ولا سنة، وإنما هذه نزغة من نزغات الشيطان، ألقاها في قلوبكم وعلى ألسنتكم، لتثبتوا بها حجة المشركين والكافرين، والزناة وقتلة الأنبياء، وجميع