مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]

صفحة 96 - الجزء 2

  الصيام والصلاة والحج والعمرة والجهاد وجميع الفرائض، قد كانت معروفة موجودة، محدودة مخلوقة، قبل أن يرسل الله ø بها آدم # ...

  ثم يلزمكم أيضا أن يقال لكم: خبرونا عن هذه الفرائض التي زعمتم أنها مخلوقة قبل بعثة آدم #، كيف هي؟ وما هي؟ وأين هي؟ أفي أرض؟ أم في سماء؟ وكيف صورها؟ وهل تدرك ببصر؟ أو تحس بسمع؟ أو تنال بلمس؟ أو تذاق؟ أو تشم باستنشاق؟

  فإن قلتم: إنها موجودة في الأوهام، من غير أن تدرك بالحواس.

  قلنا لكم: فقد نراكم قد أوجدتمونا قديما موجودا في الأوهام آخر مع الله ø، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، فيه الصفة التي وصفتم بها الواحد، الذي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، وهذا كفر بالله العظيم، وخروج من الاسلام، وإبطال الوحدانية، ودعوى إلهين اثنين صفتهما واحدة لا فرق بينهما، لأنكم ادعيتم شيئا ليس له حد ولا غاية تعرف، ولا نهاية يوقف عليها، ولا تدركها الحواس، ولا تعلم هذه الصفة إلا للواحد القديم الأزلي، الذي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشوري: ١١]، تبارك وتعالى.

  فهذه حجة لازمة لكم، ودامغة لدعواكم، ولا مخرج لكم منها.

  وإن قلتم: إن الله ø خلق الإسلام بعدما أرسل الرسل، لزمكم أن الاستطاعة قبل الفعل أيضا، وأن الله جل ثناؤه أرسل رسله يوم أرسلهم، وليس معهم إسلام يدعون الناس إليه، ولا هدى يوجب لهم الطاعة، ولا تقوم لله به على بريته حجة، لأنه - زعمتم - إنما خلق الاسلام بعد إرسال الرسل، فوجب عليكم