مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]

صفحة 97 - الجزء 2

  أنه أرسل إلى الناس رسلا غير مسلمين، إذ لا إسلام معهم، وإنما خُلق - زعمتم - بعد إرسالهم، وكفى بهذا كفرا وجهلا من قائله! وفيه خروجكم من دين الاسلام.

  وإن قلتم: خلق الله ø الاسلام مع إرساله للرسل، لا قبل ذلك ولا بعده، رجع عليكم القول الأول، والمطالبة لكم من خصومكم بأنه لا بد لكم أن توجدونا الاسلام، الذي ادعيم أنه خُلق مع إرسال الرسل، بحدوده وشخصه، ولمسه وذوقه، وسمع صوته وحسه، والنظر إلى صورته وإدراكه، وإحاطة الأنظار به، حتى يعرف ويوجد، ويوقف على صورة ذلك الخلق، إن كان خلقا لله ø!

  وإن قلتم: إنه لا يدرك إلا بالصفة لا غيرها، لزمكم أنه واحد ليس كمثله شيء، لأنه قد انتظمته صفة الله ø الذي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشوري: ١١] - في زعمكم - لأن كل شيء خلقه الله ø من الخردلة فما فوقها من السماوات والأرض، لا بد له من ستة حدود تحوي كل مخلوق خلقه الله ø، وهي القدام والخلف، واليمنة واليسرة، والفوق والتحت. فهذه الحدود لابد لها أن تحيط بكل مخلوق، لأن الخالق ø لا حد له، ولا قدام ولا خلف، ولا يمنة ولا يسرة، ولا فوق ولا تحت.

  فهذا الفرق بين الخالق ø وبين المخلوق، وما ليس له حد يدرك بالحواس، فليس هو خلق الله ø. وهذا أكبر الدليل على أن أفعال العباد غير مخلوقة، ولو كانت مخلوقة لكانت بائنة، بمعنى تحيط به الحدود والأقطار دون فاعليها، وإنما أفعال بني آدم حركاتهم وفعلهم هم، لا فعل الله ø ولا خلقه.

  وكذلك الكفر يلزمكم في خلقه من الحجة مثل ما لزمكم في خلق الاسلام