مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]

صفحة 98 - الجزء 2

  سواء، إن ادعيتم أنه خُلق قبل الكفار، طالبناكم بشخصه وحدّه، ولمسه ودرك الحواسب جميعا له.

  فإن لم تأتوا على ذلك ببرهان، لزمكم توحيده، لما جعلتموه بصفة الواحد، ولا بد لكم من أحد هذه الثلاثة الوجوه التي ذكرنا لكم، ليس لها رابع، وليس لكم من واحد منها مخرج.

  فاعرف ما قلت يا عبد الله بن يزيد البغدادي لإخوانك، من قولكم لهم: أن ليس قول أقرب إلى الزندقة - زعمت - من قول أهل العدل: أن ليس أفعال العباد مخلوقة!

  فأي القولين الآن أقرب إلى قول الزنادقة؟!

  بل أيهما هو الزندقة؟

  بل أيهما هو الشرك الأعظم الذي جعلتم الله - ø عن قولكم فيه - شريكا لكل مشرك، أو فاعل فاحشة، أو مرتكب لعظيم كفر، فجاز حد قولكم قول أهل الأصنام، وفات من جميع الأنام، وأخرجكم من قبة الإسلام، فلا يبعد الله إلا من ظلم.

  " قال الله: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ ٦٦ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ٦٧}⁣[المؤمنون]، وقال: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ١٠٥}⁣[المؤمنون]. أهذا عندك قول من أراد أن يُكفر به؟! أو قول من خلق الكذب والاستكبار، وعذب عليه؟! ثم سمى نفسه: عادلا لا يظلم، ثم قال: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٣].