[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]
  وأما اعتلالك بقوله ø: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد: ١٦، الزمر: ٦٢] فقد أعلمناك أن هذا خصوص لا عموم، والدليل على ذلك ما يلزمك الاقرار به أحببت أو كرهت، وهو قوله ø: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[الإسراء: ٤٤].
  فنقول لك: أخبرنا عن الدهرية المعطلة، الذين زعموا أن ليس لهم خالق، أليس هم شي أم لا؟!
  فإن قلت: أن ليس هم بشيء، أكذبك جميع الخلق، وخرجت من حد الكلام، ودخلت في العبث.
  وإن قلت: هم شيء.
  قلنا لك: فهل هم يسبحون الله؟
  فإن قلت: نعم، بانت فضيحتك، وأكذبك جميع الخلق، لأنهم معطلة يجحدون الخالق، وهم الذين ذكر الله ø في كتابه، حين قال: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ٢٤}[الجاثية].
  وإن أقررت أنهم ليس يسبحون الله جل ثناؤه، قلنا لك: قد صدقت، وفي صدقك هذا يلزمك أن ليس كل شيء يسبح الله ø، وإنما عنى بعضا دون بعض. وكذلك قوله: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد: ١٦، الزمر: ٦٢]، إنما عنى ما خلقه جل وعز، لا ما خلق العباد. وفي هذا كفاية لمن عقل.
  وإنما خلق الله جل وعز الأجسام والأعراض، لا غيرهما مما يعرف، وليس له ø خلق ثالث يعرف إلا الأجسام والأعراض، إلا ما قاله ø: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨}[النحل]، ولا يقوم عرض إلا في جسم، ولا جسم إلا في عرض.