مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]

صفحة 100 - الجزء 2

  فإن قلت: إن الأعراض لا تدرك بالحواس، ويلزمكم لنا فيها مثل ما لزمنا لكم في خلق أفعال العباد.

  قلنا لكم: فإن جوابنا لكم في ذلك أن الأعراض ترى وتسمع وتدرك، وليس أفعال العباد ترى ولا تسمع، ولا تدرك بصورة ينظر إليها، ولا جسم متجسم، إلا أن يقول قائل: إن القتل يري بمعني غير حركة الآدمي، (أو أن الصلاة ترى بمعني غير حركة الآدمي، أو أن الزنا يدرك بمعنى غير حركة الآدمي)، أو شيء من جميع أفعال بني آدم يقال فيه: إنه يدرك أو يري بمعنى آخر غير حركة الأدمي، فلا يوجد السبيل إلى ذلك أبدا، إلا أن توجدونا شمسين في وسط السماء.

  وكذلك الزنا ليس هو شيء يدرك ولا يحس، غير التقاء الفرجين، وحركة الفاعلين تكون مع ذلك، ولا يوجد خلق كما افتريت إلا أجسامهما، فأجسامهما خلق الله ø.

  وكذلك الزكاة ليس هي بشيء يحس ولا يدرك، غير دفع الدنانير والدراهم والحبوب، من يد رجل إلى رجل، فأين خلق الزكاة؟ أوجدنا إن كنت صادقا حتى تعرفه بصورته، ولن تجد ذلك أبدا.

  وكذلك الجهاد ليس هو شيء يحس ولا يدرك، إلا الرجل يضع السيف ويرفعه، ويرسل السهم ويمسكه، ويمد الرمح ويصرفه، فأين خلق الله ø لقتل الأنبياء، وسفك الدماء، وفعله لجميع القبائح من الأشياء التي قلت فيه؟!

  هل هو إلا ما ذكرنا من حركات بني آدم التي برئ الله ø منها ومن خلقها، حيث يقول ø: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}⁣[العنكبوت: ١٧]، وتلك الحركة