مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]

صفحة 101 - الجزء 2

  - فهي فرع الاستطاعة التي ركبها الله ø في خلقه، وهي القوة التي وهب لهم، ثم حظر بالأمر والنهي المؤكد، والبرهان المشدد، أن لا يستعملوا تلك القوة - التي وهب لهم، وفوضهم فيها، مخيرين غير مجبورين في إمساكها ولا إرسالها - إلا في جميع ما يرضيه، وأن لا يعملوا بها شيئا مما يسخطه.

  وأعد الجنة لمن أطاعه، وأعد النار لمن عصاه، وأرسل بذلك الرسل، وأنزل به الكتب، وأعذر وأنذر، وحذر وكرر، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}⁣[الأنفال]، فمن ادعا بعد هذا شيئا يريد به إسقاط الحجة عن الكفار والعصاة، ويُلزم الله ø الظلم والجور؟! فقد كفر بآيات القرآن، وهو قوله ø: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}⁣[النساء: ١٦٥]، وقوله ø: وما اختلفوا إلا {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}⁣[البقرة: ٢١٣]، وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ٤٠}⁣[العنكبوت]، وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}⁣[الأنفال: ٥٣]، وقوله ø: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}⁣[الإسراء].

  وقلت أنت أيها المجبر: إنه أراد الكفر من الكفار، وقد كررنا هذه الآيات، لأنها حجة الله ø، ولا حجة أقوى منها، وقد وجدنا الله تبارك وتعالى قد كرر القول في غير موضع من كتابه، لتأكيد الحجة والإبلاغ في الموعظة، وفي أقل مما قلنا به كفاية، وانقطاع لكل مجبر على وجه الأرض، والحمد لله رب العالمين.