مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]

صفحة 102 - الجزء 2

  ومن الحجة عليكم في قولكم: إن الله ø خلق الاسلام قبل إرسال الرسل، أنه يلزمكم أنه قد كانت صلاة موجودة من غير مصل، وزكاة موجودة من غير متزكي، وصيام موجود من غير صائم، وحج موجود من غير حاج، وعمرة موجودة من غير معتمر، وجهاد موجود من غير مجاهد، وأمر بمعروف، ونهي عن المنكر من غير قائم بذلك، وهذا هو الخروج من المعقول، وهو يبطل قولكم: إنه فعل من فاعلَين، بأوكد حجة، وأوضح برهان.

  وإن قلتم: إن الله خلق الإسلام بعد إرسال الرسل، لزمكم أن الاستطاعة موجودة قبل الفعل لا بد من ذلك، لأنه يلزمكم أن الرسل قد دعتكم إلى أمر قبل فعلكم له، إذ ليس من شأنها &، ولا من عدلِ من خلقها تبارك وتعالى الدعاء إلى ما لا سبيل إلى دركه.

  وإن قلتم: إن الله خلق الاسلام مع إرسال الرسل، لزمكم أن توجدونا صورة الإسلام وحسه ودركه قبل أن يُفعل.

  فإن قلتم: إنه لا يدرك إلا بالصفة، لزمكم أنه إله موجود فيه، مثل صفة الله تبارك وتعالى، فلا خلاص لكم من هذه الثلاثة الوجوه، وفيها انقطاع قولكم، وبيان جهلكم، وفريتكم على خالقكم، ومفارقتكم لكتابه صراحا، وظلمكم لأهل العدل، وكذبكم عليهم.

  إلا أن ترجعوا وتتوبوا، ويكون قولكم: إن الله ø لم يخلق أفعال العباد، لا الصالح منها ولا الطالح، وإنه بريء من ذلك كله، إلا ما أمر به، ونهي عنه، وهو متعالي عن خلق أفعال العباد، متنزه عن خلق الفواحش، وجميع الشرك والظلم