[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]
  والكفر، وقتل الرسل وأئمة الهدى، وإلا فالنار لا شك فيه، لقوله ø: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٢٨}[الأعراف]، وقوله: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}[التوبة: ٣]، وقوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}[آل عمران]، وقوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}[الأنعام: ٣١].
  أفلا تسمع إلى قولهم وإقرارهم أنهم الذين فرطوا، وأنهم قد دعوا بالحسرة على ذلك التفريط، {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ٣١}[الأنعام]، ولم يقولوا ما قلت: يا حسرتنا على ما خلق الله من أفعالنا! ولا على ما أراد منا! وقوله: {رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ٦١}[ص].
  فنقول لك: أخبرنا عمن قدم لهم ذلك، أهو المريد لكفرهم؟
  فإن قلت: لا، رجعت عن قولك بالجبر.
  وإن قلت: نعم، المقدم لعذابهم هو المريد لكفرهم، لزمك أن خالقك يدعو على نفسه بعذاب النار، هذا من أعظم كفر قال به قائل! فالحمد لله المعز لدينه، والموضح لبراهينه، والناصر لأهل طاعته، والذابين عن كتابه، وهو القوي العزيز.
  واعلم علما يقينا أنه لا حد لفعل بني آدم يدرك إلا حد فاعله، وليس هو بشيء بائن عن فاعله، إنما هي الحركات الموجودة فيهم، وهي فرع لاستطاعتهم، والاستطاعة فعل الله ø التي عليها البنية، والحركات فعلوها بإرادتهم واختيارهم، بعد الأمر والنهي من الخالق الحكيم.
  ولو كانت أفعال العباد قائمة موجودة وحدها على الانفراد، بائنة عن الأجسام، ثم وصفتها المجبرة بصفة غير ما قلنا، للزمها أن تثبت لها الحدود والأقطار.