[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]
  وإن لم تحدها ونفت عنها الحدود على الانفراد، لزمها أنها قد وجدتها كما وجدت الصانع القديم. وهذا أبطل باطل يكون، وفيه القطع لكل مجبر على وجه الأرض، إذ لا حجة تفسد ما قلنا، ولا تقطع ما به احتججنا.
  والدليل على ذلك، قوله ø: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}[العنكبوت: ١٧]. فإنما ذلك الإفك حركاتهم، ولو كان الإفك شيئا غير حركاتهم، منفردة عن حركاتهم لوجب أنهم يخترعون عيون الأشياء، ويخرجونها من العدم إلى الوجود، كفعل الواحد الحميد، فلا يقدر على ذلك إلا الله الكبير المتعال، الذي لا يعجزه شيء وهو الولي الحميد.
  ويلزمكم أيضا في قولكم إن قلتم: إن الله ø خلق الاسلام مع إرسال الرسل، أن يقال لكم: إن الرسل متفاوتون في البعثة، وكل رسول منهم بينه وبين صاحبه المدة الطويلة، والسنون الكثيرة، فلا يجوز لكم أن تقولوا: إنه خلق الإسلام إلا مع إرسال الأول منهم، وببقاء من بقي بلا اسلام، حتى تخلق له اسلام جديد يكون معه.
  فإن قلتم: إن خلق الاسلام الأول يجزي من بقي.
  قلنا لكم: فقد وجدنا مع كل واحد منهم شريعة تخالف الأخرى، وأحكاما تخالف الأحكام التي من قبلها، وهذا ينقض عليكم ما ادعيتم من خلق الاسلام الأول، لأن مع كل نبي أمرا غير أمر صاحبه، وشريعة غير شريعة صاحبه. فأين الخلق الذي ادعيتم من أن الاسلام مخلوق، فلا يجوز ما قلتم، وإنما الإسلام أمر ونهي، وشرائع وأحكام، تحدث بحدوث النوازل في كل عصر وزمان، فالاسلام