[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]
  يصح لك، وتتبين حجتك فيه، ونعلم نحن واصحابك انك صادق في دعواك، أن الله خلق الشرك والكفر وجميع المعاصي، فيصح ذلك لنا ولك ولجميع الناس. كما صح الحديد الذي قلت الذي منه عملت الدروع، والشجر الذي حدث منه القطن فعملت منه الثياب، والخشب الذي عملت منه السفن، كما قلت، وصح لك لعمري.
  وهذا حق أن الحديد الذي عملت مه الدروع، وشجر القطن، وخشب السفن، والأكنان في الجبال، كل ذلك موجود، ومنه عمل الناس جميع الصناعات التي عملها بنو آدم، إنما عملوها من أشياء وجدوا الله ø قد سبق إلى خلقها وإحداثها، وافتطارها من قبلهم، فأخرجها من العدم إلى الوجود، لم يشاركه في خلقها أحد، ولم يسبقه إليها صانع. فعمل الناس منها جميع ما عملوا من الصناعات، التي لا تقوم الدنيا ولا تعمر إلا بها وبعملهم لها.
  وذلك من الدلائل العظام على التوحيد أن أحدا لا يحدث جسما، ولا يخترع صنع شيء من جميع الأشياء المجسمة، ولا يقدر على إحداث ذلك كله إلا الله القوي العزيز، فمن صنعه وخلقه وفطرته واختراعه عملوا، ولولا ما وجدوا من ذلك، ما قدروا على شيء يعملون منه مصالحهم، لأن هذه الأشياء مشاهدة مرئية موجودة، تدرك لا شك فيها من درك الحس، من الشم والذوق، والسمع والبصر.
  وأما الشرك الذي ذكرت أنت وإخوانك المجبرة، وجميع المعاصي التي ادعيتم أن الله ø خلقها، وأخرجها من العدم إلى الوجود، فيلزمكم لنا أن تأتوا عليها بدليل وبرهان، أضوأ وأوضح من نور الشمس الطالعة، حتى يتبين للناس